الـمـفـتــي : الشيخ عبد العزيز بن باز
السؤال :
كنت جاهلا و لقد من الله علي بالإسلام، و كنت قبل ذلك قد ارتكبت بعض المظالم و الأخطاء و سمعت حديثا عن الرسول صلى الله عليه و سلم يقول: (من كانت عنده مظلمة لأخيه في عرض أو في أي شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار و لا درهم) إلخ . كيف تنصحونني و الحالة هذه؟
الجواب :
لقد شرع الله لعباده التوبة من جميع الذنوب، قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[ النور 31]، وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا}[ التحريم 8]، و قال جل و علا: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}[ طه 82]، و قال صلى الله عليه و سلم: ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له)) صحيح الجامع - 3008, فمن اقترف شيئا من المعاصي فعليه أن يبادر بالتوبة و الندم و الإقلاع و الحذر و العزم الصادق ألا يعود في ذلك؛ تعظيما لله سبحانه، و إخلاصا له، و حذرا من عقابه و الله يتوب على التائبين، فمن صدق في التوجه إلى الله عز و جل و ندم على ما مضى و عزم عزما صادقا أن لا يعود و أقلع منها تعظيما لله و خوفا منه فإن الله يتوب عليه، و يمحو عنه ما مضى من الذنوب فضلا منه و إحسانا سبحانه و تعالى، و لكن إذ كانت المعصية ظلما للعباد فهذا يحتاج إلى أداء الحق، فعليه التوبة مما وقع بالندم، و الإقلاع، و العزم أن لا يعود، و عليه مع ذلك أداء الحق لمستحقيه أو بتحلله من ذلك، كأن يقول لصاحب الحق: سامحني يا أخي أو اعف عني، أو يعطيه حقه، للحديث الذي أشرت إليه، و هو قول النبي صلى الله عليه و سلم: ((من كانت عنده لأخيه مظلمة فليتحلله اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ من حسناته بقدر مظلمته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه)) رواه البخاري في صحيحه.
فالواجب على المؤمن أن يحرص على البراءة و السلامة من حق أخيه، بأن يرد إليه أو يتحلله منه، و إن كان عرضا فلا بد من تحلله منه أيضا إن استطاع، فإن لم يستطع أو خاف من مغبة ذلك كأن يترتب على إخباره شر أكثر فإنه يستغفر له و يدعو له ويذكره بالمحاسن التي يعرفها عنه بدلا مما ذكره عنه من السوء في المجالس التي اغتابه فيها ليغسل السيئات الأولى بالحسنات الآخرة ضد السيئات التي نشرها سابقا و يستغفر له و يدعو له. و الله ولي التوفيق.