Admin ADMIN
عدد الرسائل : 1042 العمر : 48 . : تاريخ التسجيل : 27/04/2008
| موضوع: في رحاب آية ،، ومن قصص الصالحين 28-05-2009 الخميس مايو 28, 2009 7:31 am | |
| { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُم ْفاسِقُونَ } إنه عتاب مؤثر من المولى الكريم الرحيم ؛ واستبطاء للاستجابة الكاملة من تلك القلوب التي أفاض عليها من فضله.. عتاب فيه الود ، وفيه الحض ، وفيه الإستجاشة إلى الشعور بجلال الله ، والخشوع لذكره ، وتلقي ما نزل من الحق بما يليق بجلال الحق من الروعة والخشية والطاعة والاستسلام ، مع رائحة التنديد والاستبطاء في السؤال : ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق). وإلى جانب التحضيض والاستبطاء تحذير من عاقبة التباطؤ والتقاعس عن الاستجابة ، وبيان لما يغشى القلوب من الصدأ حين يمتد بها الزمن بدون جلاء ، وما تنتهي إليه من القسوة بعد اللين حين تغفل عن ذكر الله ، وحين لا تخشع للحق: ( ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل ، فطال عليهم الأمد ، فقست قلوبهم ، وكثير منهم فاسقون ) .. وليس وراء قسوة القلوب إلا الفسق والخروج . إن هذا القلب البشري سريع التقلب .. وهو يشف ويشرق فيفيض بالنور .. فإذا طال عليه الأمد بلا تذكير ولا تذكر تبلد وقسا ..وأظلم وأعتم ! فلا بد من تذكير هذا القلب حتى يذكر ويخشع .. ولا بد من اليقظة الدائمة كي لا يصيبه التبلد والقساوة .
من قصص الصاحلين يقعلون ما يقولون رحم الله أنس بن النضر شهيد معركة أحد, الذي وفى بعهده مع ربه, فقد أسف كثيرا إن لم يكن شهد معركة بدر الكبرى, ففاته بفواتها خير كثير, وأجر عظيم. وما كان تخلفه عن خور أو نفاق, وإنما كان الظن ألا قتال, وأن الخروج إنما هو لنيل العير , ولم يلزم الرسول صلى الله عليه وسلم جميع أصحابه بالمسير. لقد عاهد أنس ربه قائلا : " لئن أشهدني الله مشهدا مع أعدائه ليريَن الله ما أصنع ". وفي معركة أحد, ولى المشركون الأدبار, بعد أن صدق المسلمون فصدقهم الله وعده, فلما خالف المسلمون أمره صلى الله عليه وسلم, تفرقوا وعادت المعركة حامية, ورجع أنس ليجد الموقف قد تغيَر وتبدل, فنظر إلى صاحبه قائلا : يا سعد ! إني أجد ريح الجنة دون أحد, ثم نظر إلى المسلمين المنهزمين قائلا : اللهم إني أعتذر إليك مما فعل هؤلاء, وانطلق تجاه العدو انطلاق النسر الجارح في هجمة الأسد الهصور, تدفعه قوة الإيمان, وتمثل أمام ناظريه حياة كريمة يريدها بعد مفارقة هذه الحياة, إنه يريد أن يفي بعهده, ولقد أرى ربه, فقد وجده المسلمون بعد المعركة وكأن جسده قد غدا مزرعة للسيوف وللرماح والنبال, حتى أن الصحابة لم يستطيعوا التعرف عليه, فقد تغيَرت ملامحه ولم تعرفه إلا أخته بعلامة كانت ببنانه, وقال سعد وهو يروي للرسول صلى الله عليه وسلم ما كان من أنس " فوالله يا رسول الله ما استطعت أن أصنع ما صنع أنس ". ويذكرني هذا الموقف من أنس, بموقف ذلك الأعرابي الذي آمن بالرسول وتبعه, فلما أُعطي نصيبه من الغنيمة بعد إحدى المعارك, قال للرسول صلى الله عليه وسلم : ما هذا؟ قال : " نصيبك من الغنيمة " قال : ما تبعتك على هذا وإنما تبعتك على أن أقاتل في سبيل الله فيصيبني سهم هاهنا (وأشار إلى حلقه) فأموت فأدخل الجنة, فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " إن تصدق الله يصدقك ". وفي المعركة التالية, جئ به وقد أُصيب بسهم في المكان الذي أشار إليه , فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " أهو هو؟ " قالوا : نعم قال : " صدق الله فصدقه الله ". وذلك الفتى الذي ترك الصلاة خلف معاذ رضي الله عنه عندما أطالها معاذ, فالتهمه معاذ بالنفاق, فاشتكى الفتى للرسول صلى الله عليه وسلم فقال الرسول لمعاذ : " أفتَان أنت يا معاذ؟ " وقال للفتى : " كيف تصنع يا ابن أخي إذا صليت؟ قال : أقرأ بفاتحة الكتاب وأسأل الله الجنة وأعوذ به من النار, وإني لا أدري ما دندنتك ودندنة معاذ؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " إني ومعاذ حول هاتين أو نحو هذا " ثم قال الفتى : ولكن سيعلم معاذ إذا قدم القوم - يعني بهم الأعداء- وكان المسلمون قد أُخبروا بقرب قدومهم. فقدموا فاستشهد الفتى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ : " ما فعل خصمي وخصمك؟ قال : يا رسول الله - صدق الله وكذبتُ ( يعني نفسه (استشهد. لقد كان الرعيل الأول صادقين في إيمانهم وفي أقوالهم, يصدرون عن عقيدة قوية وعزيمة ماضية, ولو ذهبنا نتتبع هذا الصنف من الذين يقولون ويفعلون, لرأينا المئات بل الآلاف من النماذج الرائعة, ولقد حققوا قول الله تعالى فيهم : (( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدَلوا تبديلا )). إننا بحاجة إلى هذا الصنف الكريم من المؤمنين الذين تصدق أقوالهم معتقداتهم, وتصدّق الأعمال القول والعقيدة. يعلمون أنهم إذ ينتسبون إلى الإسلام بقلوبهم , ومشاعرهم, وأحاسيسهم, وسلوكهم, وآمالهم, وآلامهم, ويقيمون علاقاتهم مع غيرهم حبا وبغضا على هدي من كتاب الله. إننا بحاجة إلى هذا الصنف من المسلمين فهل نحن منهم؟؟؟ نرجو أن نكون وإلا فلنحاول والله المستعان. المرجع : كتاب مواقف ذات عبر للشيخ د. عمر سليمان الأشقر موسوعة القصص الواقعية . | |
|